تحميل رواية لاجلها بقلم امل نصر ( كاملة وحصرية حتي الفصل الاخير )

تحميل رواية لاجلها بقلم امل نصر ( كاملة وحصرية حتي الفصل الاخير )

نبذة عن الكاتبة أمل نصر

تعد أمل نصر واحدة من الأسماء البارزة في عالم الروايات العربية الإلكترونية عرفت بقدرتها على مزج الرومانسية بالدراما مع لمسة واقعية تجعل القارئ يشعر أن الأحداث قريبة من حياته اليومية بدأت مشوارها بكتابة نصوص قصيرة عبر المنصات الأدبية، وسرعان ما انتشرت أعمالها بفضل لغتها السلسة وحبكتها العميقة وقد أصبحت رواية “لأجلها” من أبرز إبداعاتها التي جلبت لها شهرة واسعة بين عشاق القراءة.

تفاصيل رواية لأجلها

تدور أحداث الرواية حول قصة حب مليئة بالصعوبات والتحديات، حيث تجد البطلة نفسها ممزقة بين الواجبات العائلية وبين مشاعرها الصادقة. ومع تقدم الأحداث تظهر شخصيات ثانوية تلعب دوراً مهماً في تغيير مسار القصة، ما يجعل القارئ يعيش في حالة من التشويق والانتظار.
الرواية لا تقتصر على الرومانسية فقط، بل تطرح قضايا اجتماعية حساسة مثل التضحية، الصراع بين القلب والعقل، والبحث عن السعادة الحقيقية. وهذا ما جعلها تلامس مشاعر القراء وتلقى قبولاً كبيراً.

الأسلوب الأدبي في الرواية

ما يميز رواية “لأجلها” هو الأسلوب البسيط والعاطفي الذي اعتمدته الكاتبة أمل نصر. فهي تستخدم لغة عربية واضحة، بعيدة عن التعقيد، مع حوارات واقعية تجعل الشخصيات نابضة بالحياة. كما اعتمدت الكاتبة على عنصر التشويق في نهاية كل فصل، وهو ما يدفع القارئ للاستمرار حتى الوصول إلى الفصل الأخير دون ملل.

الأسئلة الشائعة حول رواية لأجلها

من هي مؤلفة رواية لأجلها؟

المؤلفة هي الكاتبة المصرية أمل نصر، المعروفة بكتابة الروايات الرومانسية الدرامية المنتشرة عبر الإنترنت.

هل الرواية مكتملة أم ما زالت تُنشر؟

نعم، الرواية مكتملة ومتاحة حتى الفصل الأخير، ويمكن قراءتها كاملة بشكل حصري.

ما الذي يميز رواية لأجلها عن غيرها؟

تميزت الرواية بطرحها أحداثاً عاطفية عميقة ممزوجة بالواقعية، مما جعلها قريبة من قلوب القراء ومختلفة عن كثير من الروايات التقليدية.

هل يمكن تحميل رواية لأجلها بصيغة PDF؟

نعم، يبحث الكثيرون عن رابط تحميل الرواية بصيغة PDF لقراءتها بسهولة على الهواتف أو الأجهزة اللوحية.

هل تناسب الرواية جميع الفئات العمرية؟

الرواية موجهة بشكل أساسي لليافعين والشباب والكبار المهتمين بالأدب الرومانسي والدرامي.

إن تحميل رواية لأجلها بقلم أمل نصر (كاملة وحصرية حتى الفصل الأخير) يعد فرصة لعشاق الأدب الرومانسي للاستمتاع برحلة مليئة بالإثارة والمشاعر المتناقضة. بفضل الأسلوب السلس والأحداث المشوقة، استطاعت أمل نصر أن تحجز مكانها في قلوب القراء العرب، لتصبح الرواية واحدة من أكثر الأعمال طلباً في محركات البحث عام 2026.

الفصل الأول

في المنزل الكبير والذي توسط المنطقة الشعبية بمساحته الشاسعة وبناءه المختلف عن باقي المباني المجاورة، بعد أن اسسه قديمًا الدكتور رفعت فؤاد، فاتخذ مسكنه وأسرته في الطابق الثاني.

ليترك الطابق الأول كعيادة كبيرة لاستقبال المرضي من أهل منطقته، يُعالج مرضاهم بأسعار زهيدة، ولأجل أن ينشأ أبناءه أيضًا في هذا الوسط الذي تربى عليه، رغم تعليمهم بمدارس أجنبية.

أثمرت التربية الحسنة في ابنه الأكبر عزيز والذي تابع استكمال الرسالة في معالجة الفقراء كنفس فعل والده بل وزادهم بعيادة أخرى لزوجته في نفس المبنى؛ الذي هجره سكانه بعد رحيل الطبيب الأب.

فقد وجد كل فرد منهم طريقه، سافر شقيقاه بهجرة إلى إحدى المدن الأوربية، ولحقت بهما والدتهما أيضًا، وظل الدكتور عزيز مع الدكتورة فاطمة زوجته في الوطن وحدهم مع ابنائهم.

يسكن في إحدى المدن الجديدة ويعالج في عيادته هناك بأسعار خيالية، ثم يأتي اَخر ثلاثة أيام في الشهر ويعمل ليل نهار، بهذا المركز المتواضع لفحص الأعداد الكثيفة من الأهالي الذين سجلوا أسمائهم خلال الشهر.

وحجزوا دورهم قبل أن يأتي الميعاد لزيارة عيادة العظام خاصته، ومثلهم يكون بالضعف مع عدد النساء الاَتي يتوافدن لعيادة زوجته والتي تاتي مع مساعدت لها من طبيبات صغيرات أو ممرضات ذات كفاءة عالية.

حتى إذا انتهى الشهر وعاد الرجل مع زوجته إلى مكانهم الحقيقي بين علية القوم، يظل المنزل ساكنًا على حالته مع مراعاة الحارسين، عصام وعمران اللذين يسكنان بالمبنى الملحق بالمنزل.

عمران والذي تولى العمل به منذ سنوات عديدة بصفته احد أبناء المنطقة وبوساطة من عمه الذي كان يعمل ممرضًا للطبيب الكبير، استوطن بالمنزل منذ عمر الثالثة عشر، بعد وفاة أمه وزواج ابيه بأخرى رفضت وجوده معها في المنزل.

لعدم تقبلها له بينهم؛ بحجة أنه فتى بالغ فلا اَمان لزوجة شابة معه في منزل واحد، فانتقل للعمل في حراسة مسكن الطبيب، والمبيت في غرفة بالحديقة، حتى كبر فوصل لسن الزواج، ليكمل جميله الطبيب الكبير ببناء ملحق للمنزل قبل وفاته.

فنال نصيبه عمران بالسكن بإحدى شققه بعد ان تمكن بصعوبة ليجد من تقبل به زوجًا وهي عزة يتيمة الأب الفقيرة التي قبلت به افضل من بلوغها سن العنوسة بدون زواج، ليُتبعه شريكًا في السكن في الشقة الأخرى في نفس المبنى عصام.

الشاب الذي عُين بعد وفاة الطبيب الكبير وسفر الأشقاء والأم ليكون عونًا لعمران بحراسة المنزل، وقد أتى بزوجته ابتسام من بلدتها الريفية في تجربتها الثانية للزواج، كزوجها الذي طلق قبلها امرأة أخرى أيضًا.

وأصبح المبنى مقتصرًا على أربعتهم، وقد مضى على هذه الجيرة عامان الاَن.

❈-❈-❈

ولج عمران لداخل شقته صباحًا بعد انتهاء نوبة حراسته الليلية بمساعدة شريكه عصام، فهذا وقت استراحتهم اليومية، وقد أتى عامل الحديقة لرعايتها وأتى بعض الموظفين المكلفين بدوام عملهم في المركز الطبي، وضجت الحركة قليلًا بالبشر .

– صباح الخير.
هتف بها كتحية لزوجته التي كانت جالسة في وسط الصالة الضيقة في انتظاره، رددت خلفه وهمت بالوقوف لتتبعه ولكنه منعها على الفور:
– استني قايمة ليه؟ خليكي مكانك يا عزة مفيش داعي للتعب
تبسمت بحرج تقول بإصرار رغم امتنانها لقوله الشهم لها:

– وفين التعب ده بس يا عمران؟ انا بس هقوم اساعدك تغير هدومك، وبعدها احضر الفطار

زجرها بنظرة محذرة وهو يخلع عنه معطفه الثقيل قبل توجهه لغرفة النوم:

– بلاش توجعي قلبي بالرغي معاكي يا عزة، أنا حيلي مهدود اصلا، وجسمي مكسر، نفسي في الراحة، مش عايزة أكل خالص ، لأني فطرت والحمد لله فول من عربية عم رمضان اللي في اخر الشارع ، ولو على الهدوم فاطمني يا ستي انا عندي ايدين والحمد لله ، ما رحتش مني ايدي عشان احتاج المساعدة.

تمتمت بالأدعية الحافظة، وقد تشاءمت من لفظه لهذا الفأل السيء أمامها فشهقت قائلة بجزع:

– بسم الله الحفيظ، بلاش الكلام دا يا عمران، الفال سعد

ضحك ساخرًا من فعلها فقال يشاكسها ليستفز طيبتها وخوفها الشديد:

– كل الخوف ده من مجرد كلمة يا عزة طب وان فرضنا وحصل بالفعل، ساعتها هتعملي ايه بقى؟

صرخت معارضة بارتياع:
– يا ساتر يارب، وليه نفترض السوء حتى لو بالهزار ، بالله عليك ما تكررها تاني يا عمران

ضحك يرمقها بنظرة حانية وقد سره فعلها، وارتياعها لمجرد التخيل فقال لها ينهي المناقشة:

– هدخل اخد شاور عشان اللحق السرير واترمي عليه ، اترجاكي بس عدم الازعاج ولا تفتحي الأوضة عليا، انتي ادرى الناس بنومي الخفيف

اومأت له بطاعة مغمغمة بصوتها الخفيض كعادتها من وقت زواجه بها، فتابع لها بشبه ابتسامة قلقة اعتادت عليها منه من وقت حملها بهذه الطفل:

– وخلي بالك من نفسك ومن العيل.

قالها وذهب من أمامها لتنظر في أثره وتعيد بترديد الأدعية التي تكررها ليلًا نهارًا، حتى يحفظ هذا الطفل ويكتمل حملها على خير، فقد مر على زواجها اربع سنوات اجهضت بهما عدت مرات، أرهق بسببه جسدها الضعيف.

حتى توقفت عن الحمل بالأمر المباشر من الدكتورة فاطمة زوجة الدكتور عزيز التي تكفلت بمتابعتها لتُعطيها كورس علاج مكثف وراحة من الحمل الاَخير لأكثر من سنة، حتى يستعيد جسدها بعض القوة التي تعينه على تحمل الجديد.

دنت برأسها تتطلع لهذا البروز الصغير الذي ظهر من جلبابها البيتي الخفيف رغم مرورها بالشهر الخامس الاَن، ولكن يبدوا أن نحافتها الشديدة أيضًا سيرتُها طفلها الصغير، تنهدت بعمق رافعة رأسها للسماء.

تناجي ربها كي يستجيب هذه المرة وينجي جنينها، فما الفائدة التي تجنيها من زواج كهذا خالي من المشاعر بين الزوجين، ورجل غريب كزوجها، سوى طفل يعيد إليها دفء الأسرة التي افتقدتها منذ وفاة والدتها.

❈-❈-❈

في الشقة المجاورة دلف عصام عائدًا من نوبة عمله والسهر في الحراسة هو الاَخر ولكنه لم يجدها في انتظاره في أي ركن أمامه في المنزل، أو حتى داخل المطبخ، فخمن وحده أين هي واقفة الاَن!

– بالظبط زي ما اتوقعت، البرنسيسة قاعدة قدام المراية تتأمل في جمالها وحسنها الفتان.

قالها بتهكم لا يخلو من السخرية بعد فتحه لباب غرفته مباشرةً وقد ذهبت انظاره علي الفور نحوها.

أما هي فقابلت كلماته بعدم اهتمام لتلتف إليه متخصرة وتُجيبه بنبرة تفيض بالثقة عن قصد:

– وما له يا سي عصام، لما ابص لنفسي في المراية ويعجبني جمالي، ربنا وهبني الجمال، ليه بقى محبش نفسي، واتأمل في اللي ربنا ميزني بيه بنعمة مش عند كل الناس

أصدر من فمه صوت مستهجن وقد مل وسئِم منها ومن حديثها هذا، وهي لا تنفك تذكره بجمالها وكأنه لا يعلم، ولكن في الحقيقة هو ليس بالغبي حتى لا يعي بقصدها.

بمحاولاتها المستميتة للفلت انتباهه، حتى تحصل منه على كلمة غزل أو حتى نظرة تغذي هذا الوحش بداخلها، المتعطش وبشدة دائمًا للإطراء عليها وعلى حسنها الفتان، وكأن الأرض لم تأتي بنساء غيرها؟

تجعد وجهه بامتعاض يغمغم بالكلمات الحانقة وهو يقوم بخلع ملابسة الثقيلة، قبل أن يلتفت إليها يسألها بابتسامة سمجة متعمدًا عدم الرد على حديثها :

– ويا ترى بقى ست الحسن والجمال افتكرت تحضر الفطار لجوزها الغلبان اللي راجع من الشغل والسهر مهدود حيله؟

أخرجت من فمها زفرة طويلة محبطة، ناظرة إليه بيأس، هذا الجلف تجاهل الرد على كلماتها، ويطالبها بإعداد الطعام، وكأن أصابه العمى عن رؤية ما أنعم الله عليه به حينما تزوجها.

إنه حتى لم يلتفت لمنامتها الحريرية القصيرة بلونها الوردي والتي انعكست على لون بشرتها البيضاء لتساعد في ابراز جمالها بسخاء وإغواء؛ يعلمه جيدًا زوجها ولكنه دائمًا ما ينكر ويتصنع التغافل

-غبي.
تمتمت بها قبل أن تجيبه بنزق وهي تلملم شعرها وقد أخرجها من الحالة الجميلة التي تشعر بها كلما نظرت في المرآة بهيئتها تلك.

– استنى دقايق وبس واحضره، اصلي صاحية متأخر من النوم…..

قاطعها يهتف بحدة وقد أنهي خلع ملابس العمل وبدل لبيجامة مريحة، واقترب ليعلقهم على المشحب خلفها .

– يعني كمان حتى دي معملتهاش، تقعدي بالساعات قدام المراية وتنسي نفسك ، اكسرها خالص عشان احرق قلبك عليها ويهدا بالي، اكسرها يا ابتسام؟

أردف بها بإشارة نحو المراَة، فتغاضت هي عن الرد حتى لا تزيد من غضبه واكتفت بمط شفتيها على زاوية واحدة بضيق قبل أن تتحرك لتبديل ملابسها هي الأخرى.

فتابعها بعينيه صامتًا وقد أشعل بين أنامله سيجارة لينفث منها الدخان، ويرمقها بسهام عينيه الحادة، فهذه المرأة أصبحت كالحمل الثقيل عليه بأفعالها التي تخرج شياطين غضبه،

يعلم أنها طيبة القلب ولكنها خفيفية، لديها هوس الإهتمام بنفسها والشعور بجمالها؛ الذي انطفأ وذبل طيلة السنوات التي قضتها في زيجتها الأولى.

مع زوج لا يفقه في امور النساء ولا يعلم عن الحياة سوى العمل في الزراعة ورعاية الماشية، والطعام والنوم وتنفيذ الأمر من والديه، هذا ما فهمه وأخبرته هي به.

انتهت اَخيرًا تحدجه بنظرة معاتبة زامة شفتيها بصمت، وكأنه قد كسر بخاطرها وتنتظر أسفه، قابل فعلها بابتسامة شامتة زادت من غضبها لتخرج سريعًا صافقة الباب خلفها بقوة، فغمغم داخله بعد خروجها:

– ما في حاجة خسرتك غير الدلع يا ابتسام ، كان حقي اعمل معاكي زي ما كان يعمل جوزك القديم، لما كان يقطم ضهرك بالخدمة في بيت العيلة الكبير بالنهار، وبالليل تترمى بعبلك على السرير، حتى متعرفيش تسرحي شعرك ولا تغسلي رجلك من التعب.

❈-❈-❈

بداخل المطبخ وبعد أن وضعت الركوة على الموقد لإعداد الشاي، وقد تولت على الشعلة الأخرى تسخين الطعام، كانت تطرق على الأواني وهي تناولها بضيق وانفعال قاصدة إصدار الاصوات حتى تصل إليه بغرفته:

-عديم النظر والإحساس .
لم تعد تفهم هذا الرجل وماذا يريد، لقد كان يمطرها بكلمات العشق في بداية زواجها به، حتى ظنت أنه عوض الله إليها بعد طلاقها من جابر زوجها الأول،

فاقد الإحساس هو الاَخر بجهله التام لمعاملة النساء، وقد كانت حياتها معه ملخصة فقط في خدمة الدار الشاقة ومجابهة المكائد التي كانت تدبر لها من نساء الدار التي كن يحقدن عليها، لأنها من خارج العائلة

وليست منهن حتى فاض بها وانفصلت عنه، بعد معاناة ارهقتها وجعلتها تُبرِئه من حقوقها كاملة حتى تنجو من نيران الغيرة التي كانت مسلطة عليها في هذه الزبجة البائسة.

ثم كان نصيبها بعد ذلك عصام، الوسيم مصدر حسدها من جميع النساء حولها، والذي عرفت على يديه مكامن انوثتها على حق، وذاقت سعادة لم تتخيلها سوى في الأفلام الرومانسية التي كانت تشاهدها في التلفاز.

حتى بدت الراحة ظاهرة عليها لكل من يراها من تورد وجنتيها ونضرة بشرتها وامتلأ قدها بعد الذبول والنحافة التي اصابتها بسبب المعاناة الشديدة في الزواج من جابر، إذن ما الذي حدث الاَن؟ ولما هذا الجفاء منه والتحول الغريب أم انه قد زهد منها؟

انتفضت من شرودها فجأة على صوت الركوة وهي تفيض مع فورانها بالشاي المغلي لتطفئ من عليها سريعًا وتكمل وضع الطعام على الصنية قبل تقديمها إليه على طاولة السفرة الصغيرة بمنزلهم الصغير.

❈-❈-❈

– عاملة ايه والدتك يا عصام بعد زيارتك الاخيرة ليها؟ العلاج جايب فايدة معاها؟

سألته في محاولة لفتح حديثٍ عادي معه، فرد والطعام يملا فمه بفضل تناوله بشكل سريع:

– العلاج الجديد فايدته قوية معاها ، لكنه غالي اوي ، بياخد معظم المعاش اللي بتقبضوا شهري ، بس ان شاء الله بسعى اخليه على نفقة الدولة، دا الحل الوحيد.

تحمست سريعَا تردف إليه بالحل:

– وليه تروح لمكاتب الحكومة وتتعب بنفسك مع الموظفين في طلباتهم، كلم الدكتور عزيز لما يجي هنا على ميعاده في الشهر، اكيد يعرف يدبرلك العلاج بجرة قلم، مش فاكر اللي عملو مع عزة المرة اللي فاتت في تسمم حملها ، دا وفر عليها وعلى جوزها صرف الالافات.

شرد قليلًا يوزن الكلام برأسه وقد بدا عليه الإقتناع ، فاستطردت تكمل بحماس:

– ان كنت مكسوف من مفاتحته، اكلم انا الدكتورة فاطمة مراته تبلغه، او حتى اكلمه انا بنفسي عادي يعني.

توقف عن مضغ الطعام ليرمقها بضيق وغيظ، لهذا التحول الذي اكتسبته سريعًا بفضله وبفضل العيش في المدينة، فهذه الريفية التي أتى بها من بلدتها معه تخجل من الرد على أحدهم او حتى المصافحة.

أصبح لديها الجرأة الاَن لتتحدث مع الرجال، بل وتعرض عليه هو عصام الحل في مساعدته!

– مالك بتبصلي كدة ليه من غير ما ترد؟ مش عاجبك الحل اللي قولته؟

هتفت تسأله لتخرجه من شروده، فكظم يلوك بالطعام الذي داخل فمه قبل أن يجيبها على تمهل بسأم وكلمات محددة:

– لما نبقى نبدل الأدوار ياختي، وابقى انا الست وانتي الراجل، ساعتها يبقى يحللك تتكلمي وتعملي على كيفك.

اشاحت بوجهها عن عينيه الثاقبتين كي تزفر بعيدًا عن وجهه قبل أن تعود لترد عليه:

– متبقاش متزمت يا عصام، انا بس بعرض عليك المساعدة، مش اي حاجة تاني، والدتك دي زي والدتي، وانت تعلم بمعزتها جوا قلبي

– عارف يا اختي.

أردف بها مقتضبة مبهمة قبل أن ينكفئ على طبقه، ويكمل ما يفعله ويعود لتجاهلها، حتى سئِمت من التحدث إليه وتوقفت عن الكلام،

انتهى من طعامه لينهض عن مائدته الصغيرة وينفض كفيه مردفًا لها:

– متخلنيش اتأخر في النوم لأدان العصر، اعملي المستحيل وصحيني قبلها

اومأت رغم عدم اقتناعها لعلمها التام بنومه الثقيل وردت وهي ترفع الأطباق:
– حاضر هحاول

قطعت توقفه قبل ذهابه لغرفته:

– بس انا دلوقتي رايحة السوق اشتري حاجة البيت الناقصة من الخضار، وبعدها هروح اقضي الوقت مع عزة واساعدها في شغل بيتها

استدار عنها ليشير لها بظهر كفه في الهواء كموافقة بعدم اهتمام.

❈-❈-❈

على فراشه كان يتقلب دون هوادة وكأن أسفلة حمم من الجمر، وعقله لا يهدأ من الفكر، يحتسب الدقائق في انتظارها، لقد مر الاَن اكثر من ساعة منذ مجيئه، وهي
بعادتها لا تتعدى النصف ساعة بعد إطعام زوجها بوجبة الإفطار.

هذا الغبي الذي يرفض تناول شطائر الفلافل معه على عربة العم رمضان، وكأنه يشمئز من الرجل، زفر بضيق فقد تعد الوقت الاَن لساعتين، إذن لابد أنها ذهبت إلى السوق لابتياع الخضروات، ولكن كيف له الإنتظار لأكثر
من ذلك؟

لا هو قادر على النوم رغم احتياج جسده للراحة، ولا هو قادر على إزاحة صورتها وكل أفعالها عن عقله، رغم احتياج الاَخر أن يهدأ من صخبه بها طول الوقت، ليل نهار .

أجفل على صوت جرس المنزل وانتبهت كل حواسه حتى تبين مع فتح الباب لصوتها الذي دوى مع صوت عزة وهى ترحب بها، انتفض على الفور من فراشه يتناول المقعد الصغير الخاص بتسريحة زوجته ليجلس محله ويتابعها

بقلب يتقافز في صدره كلهو أرنب صغير من اللهفة، ثم يجلس خلف باب غرفته ويتابع من هذا الثقب الكبيرة الذي حفره بنفسه بخشبه، ليسمع ويراها جيدًا من محله من بداية جلوسها بالصالة الضيقة.

اَخذة راحتها مع عزة وهي تردف بأحاديث النساء معها، أو حينما تتبرع بمساعدة المذكورة بترتيب المنزل وجلي الأواني في المطبخ المقابل له أيضًا.

فيراقبها بتفحص مع ارتدائها للعباءة المنزلية الخفيفة؛ التي دائمًا ما تنحسر عليها قدها الملفوف، وهي الغافلة عن نظرات تخترقها دون حياء أو ضمير يذكر بحقوق الجار

وعلى مقعد الصالة المرتب بعناية رغم تواضعه جلست بأنفاس لاهثة تنزع عنها حجابها وتفتح السحاب الصغير في أعلى عبائتها السوداء كي تلتقط أنفاسها من السير والحر في زحمة السوق.

رغم هذه البهجة التي تتخلل نفسها من الداخل أيضًا بعد كلمات الإطراء والغزل التي تطرب أسماعها من الرجال في السوق:

– اه يا عزة ، الشمس برا النهاردة كانت ولعة ، رغم البرد الشديد ليلة امبارح، انا مش فاهمة ازاي يقلب الجو كدة وبسرعة؟
قالتها وهي تستريح بجلستها للخلف، فردت عزة بسجيتها كالعادة:

– ما هو دا الطبيعي، احنا دلوقتي في الخريف، وفي خناقة دلوقتي بين الصيف اللي مش عايز يسيب مكانه، والشتا اللي بيحارب عشان ياخد دورته، امي دايما كانت تقول كده

– ربنا يرحمها

تمتمت بها ابتسام بتأثر لحال جارتها التي لاتكف عن ذكر
والدتها في كل جلسة لها معها، اعتدلت لتُذهب عنها الإنجراف في الخوض في ذكرياتها مع فقيدتها، وقالت هي تخرج لها بعض الأكياس من الخضر،:

– جيبتلك كل اللي طلبيته وكتبتهولي في ورقة امبارح، من فواكه وخضار تحتاجيه عشان تتغدى انتي والنونو

تطلعت عزة لما تشير إليه وتفحصتهم بعيناها سريعًا قبل أن تخاطبها بامتنان:

– الف شكر يا قليي، والله بحس الكسوف دايما في كل مرة اتعبك معايا.

بابتسامة متوسعة افتر بها ثغرها تطلعت إليها ابتسام، قبل أن ترد بالحديث المحبب دائمًا لها وهي تلوي الخصلات المتمردة من شعرها على أطرف اناملها:

– وليه الكسوف بس يا مجنونة، دا حتى خروجة السوق دي من احب الحاجات على قلبي ، دا كفاية المعاكسة اللي بتنزل على وداني من رجالة لا اعرفهم ولا يعرفوني، شيء كدة بيزود من ثقتي بنفسي.، وتجدد شعوري بأنوثتي المهدرة مع عصام المغرور

❈-❈-❈

تطلعت عزة إليها باهتمام كي تستمع منصتة بإصغاء لهذه الوصلة المسلية من حديث جارتها؛ والتي تُتحفها بها كلما خرجت لتقضي حاجتها من السوق او حتي لتبتاع ولو شيئًا بسيطًا من محل البقالة القريب من مسكنهم، لتُنعش خيالها البرئ

في شئ حرمت منه ولا تجده كمعظم النساء،
وهو الجمال الافت للأنظار، الأنثي التي يتهافت على رؤيتها الرجال ويتسابقون لنيل رضاها، كما تقص وتحكي لها ابتسام الاَن؛ والتي اندمجت في الوصف ببهجة ظاهرة:

– فضل الراجل مدبقني يا عزة في كل حتة اروحها الاقيه ورايا، من بداية دخول السوق، لحد ما خرجت وركبت ميكروباص اجرة، ولسانه مش مبطل ولو لحظة حتى في الوصف والمدح في جمالي، وامنيته الوحيدة انه يلاقي واحدة زيي، لحد ما انا نفسي زهقت ، وكان هاين عليها اصده ولا اكلم البوليس عنده، لكني رجعت عن اللي في دماغي عشان ما اتسببش في أذيته، ما هو كمان متحرش بيا، او اتجرأ على لمسي، معملش غير المعاكسة، والتغزل في جمالي وقدي اللي يوقع اجدعها راجل، وهو راجل مسكين مش حمل الكلام ده

توقفت لتضحك بانتشاء وهي تتذكر قول الرجل والذي تعدى غزله الوقاحة بوصفه الدقيق لها وما ترتديه من عباءة مُحكمة الضيق على جسدها، مستغلًا سكوتها وعدم ردعه، بالإضافة إلى تباطُئ خطواتها وكأنها سعيدة بما تسمغه.

قطعت شرودها عزة بقولها المتردد مع هذا الشعور القلق والذي ينتابها دائمًا في كل مرة مع جارتها رغم سعادتها بالحديث الممتع وهي تحكي عن لهفة الرجال عليها بتفاخر:

لكن يا حبيبتي انتي برضو كان لازم تخافي ولا تعملي اي فعل تصديه بيه، مش يمكن يكون الراجل ده خطير مثلا ، فتلاقي منه فعل ما تتوقعيهوش،

ردت بعدم اكتراث ساخرة؛

– حبيبتي يا عزة وهو في ايده ايه يعني؟ احنا في السوق يا غالية، والحاجات دي بتحصل كتير، وانا بصراحة اتعودت على المناكشات دي، بس بقى لما الاقي انها زادت عن الحد المسموح بيه، ساعتها اقدر اوقفه وواقف عشرة امثاله.

– ربنا يحفظك يا ابتسام، انتي جميلة ويحق لك الدلال والتفاخر، مادام قادرة تحافظي على نفسك ضد غدر البشر وأطماعهم

قالتها عزة بطيبتها المعهودة رغم نبرتها الحذرة في توجيه النصيحة بشكل غير مباشر لجارتها التي تخاف عليها وتهتم بها .

غمر السرور قلب الأخرى دون أن تنتبه جيدًا لمغزى النصيحة التي وجهتها لها عزة، لتقف فجأة وقد دب الحماس بداخلها لتتناول ألأكياس الملقاء على الأرض وفوق الكنبة بجوارها، تنتوي فعل ما تفعله يوميا منذ بداية حمل عزة؛ والتي لحقتها متمتمة بحرج لتمنعها:

– بالله عليكي ما تعمل…..
– اياكي تحلفي انا مش قد الكفارة ولا الصيام

قالتها ابتسام مقاطعة لها لتكمل بإصرار:
– هغسل انا المواعين اللي في الحوض دي في ثواني، وبعدها نفطر انا وانتي، عشان تاخدي علاجك، وانا يزيد وزني بتكرار الوجبات اللي باكلها معاكي انتي مرة ، والمنيل جوزي مرة
.
ضحكت عزة مرردة خلفها:
– يا ختي زيدي زي ما انتي عايزة، دا حتى جمالك بيشع اكتر كل ما تزيدي

التفت إليها تسألها بتشكك:
– اوعي تكوني بتكدبي عليا وتجامليني يا عزة فيها دي
– وربنا ما بجامل، انا بعبر ع اللي بشوفه بعيني

قالتها عزة بنبرة صادقة زادت الحماس بقلب الأخرى لتردف:
– عشان كلامك الحلو ده هساعدك كمان في ترتيب البيت

تمتمت خلفها عزة بالكلمات الممتنة وهي تتبعها نحو الذهاب للمطبخ، فجارتها العزيزة منذ أن علمت بحملها وتوصيات الطبيبة لها بالراحة التامة وهي لم تتأخر عنها ولو بيوم واحد لمساعدتها في أعمال البيت وشراء الأغراض من السوق والبقالة.

وخلف باب الغرفة وبعد أن استمع لحديثها اليومي مع امرأته حتى حفظها وعلم بأبعاد كثيرة عن شخصيتها، تابع بمراقبته لهن عبر الثقب الصغير، حتى انتقالهم للمطبخ المقابل لغرفته مباشرة، ليعتدل بانتباه، فالمتابعة الاَن أصبحت أكثر تشويقًا والرؤية أوضح عن الصالة .

تتركز أنظاره عليها وهي واقفة بجوار حوض غسيل الأطباق التي تجليها، وينتظر بشوق انحسار العباءة عليها مع تحركاتها الدائمة داخل المساحة الضيقة.

تباسطها في الحديث مع عزة التي تساعد بخفة معها حتى لا تضر نفسها ويتأثر حملها، وضحكاتها التي تدوي بصخب وتصل إليها لتُلهب خياله المريض، فلا يهدأ ولا يسكن سوى برحيلها بعد فترة طويلة من الوقت.

ثم يأتي بعد ذلك عذاب التفكير في كل كلمة وكل همسة صدرت منها، مع صورتها التي احتلت خياله منذ قدومها مع زوجها من بلدتهم، لتصبح جارة وصديقة لزوجته، مع مشاركتهما هي وزوجها للسكن معهما بنفس الملحق وبهذا القرب بين العأئلتين الصغيرتبن،

تبقى في عقله بطلة لأحلامه، ترافقه في صحوه وتُحرم عليه النوم؛ بالتفكير المتواصل بها والبحث عن طريقة تمكنه من الوصول إليها، ولكن كيف يحدث ذلك؟

بين امرأة تعشق المراَة، ليغمرها السرور في كل مرة تنظر لنفسها وترى جمالها بها، وبين رجل يخشى النظر إليها، حتى لا ينظر لنفسه ويرى ما يجعل النساء تنفر منه، وجهه الدميم

❈-❈-❈

في الخامسة عصرًا وبعد محالاوتها المستميتة بإلحاح
استيقظ اَخيرًا عصام من نومه، بوجه متجعد بعبوسه وتجهمه، وذلك بعد أن ألقى نظرة على التوقيت بهاتفه، ليهتف حانقًا عليها:

– على خمسة بتصحيني يا ابتسام، يعني برضو ضيعتي مني اليوم

تأففت زوجته لترد وهي تصفف بالفرشاة على خصلات شعرها أمام المراَة:

– وانتي دايما كدة يا عصام تجيب اللوم عليا، تقعد تشدد عليا عشان اصحيك على تلاتة، وتطلع عيني في صحيانك اللي ما بيحصل الا بصعوبة، وفي الاَخر تحملني الذ××نب.

ضغط على ش×فته الس××ظه كي لا يخوض في نزال من جدال لا فائدة منه معها، ونهض عن التخت يهمس كازًا على أسنانه بعد أن وصل أليها وأصبح بقربها:

– طب اقفلي حنكك ده، اقفلي حنكك يا محروسه بدا ما اطلعهم عليكي، انا صاحي مش شايف قدامي

التوى ثغرها تنفيذًا لأمره، فهي أيضًا لا تريد سماع توبيخه الدائم لها، لتجفل على صيحته بعد ذلك:

– وسيبي شعرك دا يا غندورة، عايز ال×اقي الأكل جاهز مسافة ما اخلص حمامي، وقبل ما البس هدومي

اومأت برأسها له دون رد لتسمع غمغمت×ه من خلفها:

– مش فالحة غير في السبسبة قدام المراية، هينفعني انا شعرك دا لما يتقطع عيشي ، بلا قرف

زفرت تنظر في ظهره حتى دلف لحمام الغرفة واغلق بابه عليه فتمتمت هي الأخرى:

– يا بااااي عليك وعلى برودك يا أخي، عديم الشعور والإحساس

تنهدت بالاخيرة لتذهب لمراَتها المحبوبة تحدث نفسها وهي تتلاعب بخصلات شعرها الذهبي الطويل:

– كل شوية يقطم فيا ويتهمني اني مقصرة، رغم اني قايدة صوابعي العشرة شمع، لكن البعيد مفيش اي حاجة ترضيه، ولا الاقي كلمة حلوة ولا يقدر حتى ويشكرني، اعمى البصر والبصيرة، دا حتى مخدتش باله من لون شعري الجديد

أترك تعليقا

مشاركة
تحميل كتاب أوراق الذاكرة pdf بقلم فواز محمد باقر
ملزمة ساجد العكيلي 2025 جميع المراحل