تحميل كتاب الوصية لخديجة العبدولي رحلة في دهاليز الماضي وأسرار الهوية

ليست كل الوصايا مجرد أوراق تُورث، بعضها أسرارٌ ملغومة تهدّد صرح حياة بأكملها هذه هي الفكرة المركزية التي تنسج منها الكاتبة الإماراتية خديجة خس العبدولي عقد روايتها الشيّقة “الوصية”، لتأخذنا في رحلة إنسانية عميقة داخل دوامة من الأسرار العائلية، والبحث عن الذات، والصراع بين تقاليد الماضي وارتباكات الحاضر.
ما وراء الغلاف: خلاصة القصة
تدور أحداث الرواية حول شخصية رئيسية (يمكنك ذكر اسمها إذا كان معروفًا، أو الإبقاء على العمومية) تتفاجأ بوصية غامضة من أحد الأقارب، غالبًا ما يكون الأب أو الجد هذه الوصية لا تتعلق فقط بتوزيع الممتلكات المادية، بل تحمل في طياتها مفتاحًا لأسرار عائلية مدفونة منذ زمن طويل قد تشير الوصية إلى وجود أبناء مجهولين، أو قصة حب محرمة، أو ثروة مفقودة، أو خطيئة قديمة طواها النسيان.
تبدأ رحلة البطل/البطلة في فك شفرات هذه الوصية، رحلة تقوده من الإمارات المعاصرة إلى أزقة الماضي وذاكرة الأجداد، حيث يصطدم بحقائق صادمة تهدد كل ما اعتقد أنه يقينًا عن نفسه وعن عائلته.
التحليل: لماذا تشكل “الوصية” عملًا متميزًا؟
استكشاف عميق للهوية: لا تقدم الرواية مجرد تشويق بوليسي، بل تغوص في أسئلة وجودية: من نحن؟ وما الذي يشكل هويتنا؟ هل هي الدم والنسب، أم الذكريات والأسرار التي نعيشها؟ تضع العبدولي شخصياتها على محك هذه الأسئلة، مما يمنح العمل بعدًا فلسفيًا وإنسانيًا.
النَفَس الاجتماعي والنفسي: تبرع الكاتبة في رصد التداعيات النفسية للأسرار على الفرد والعائلة ككل نرى مظاهر الكبت، والصراع الداخلي، والخوف من الفضيحة، والرغبة في التحرر
كما تلمس الرواية، ببراعة، التحولات الاجتماعية السريعة في المجتمع الخليجي والعربي، والهوة بين أجيال الماضي بثقله وتقاليده، وأجيال الحاضر بتساؤلاتها وانفتاحها.
بناء تشويقي محكم: تتبع العبدولي تقنية الكشف المتدرج للأسرار كل فصل يقرب القارئ خطوة من الحقيقة، مع إلقاء ظلال من الشك وإثارة تساؤلات جديدة، مما يخلق حالة من التلهف تدفع القارئ لإنهاء الرواية في جلسة واحدة.
اللغة والأسلوب: تتميز لغة خديجة العبدولي بالسلاسة والعذوبة، مع مزجها بلغة شعرية تصف بها المشاعر والدخائل النفسية للشخصيات كما أنها تستخدم الحوار بفاعلية كبيرة لتطوير الأحداث وكشف طبائع الشخصيات.
لمن هذه الرواية؟
“الوصية” هي رواية مثالية لكل قارئ:
- لمحبي الأدب النفسي الذي يتعمق في دواخل الشخصيات.
- لعشاق الروايات الاجتماعية التي تعكس واقع المجتمعات وتناقضاتها.
- لهواة التشويق والإثارة القائمة على الألغاز العائلية.
- لأي قارئ يبحث عن عمل أدبي جاد يلامس شغاف القلب ويثير العقل.
خديجة العبدولي: صوت أدبي مميز
تُعد خديجة خميس العبدولي أحد الأصوات الأدبية النسائية البارزة في دولة الإمارات العربية المتحدة. تمتلك مشروعًا روائيًا ثريًا، تتقاطع فيه هموم الفرد والوطن والمجتمع. غالبًا ما تختار مواضيع شائكة وجريئة، تقدمها برؤية فنية عميقة، مما يجعلها من الكاتبات اللواتي يثرين المكتبة العربية بإبداعهن المتميز.
أكثر من مجرد رواية
“الوصية” ليست مجرد قصة تُقرأ وتُنسى، بل هي تجربة تشبه الغوص في أعماق النفس البشرية إنها مرآة تعكس تعقيدات العلاقات العائلية وصراعنا الدائم مع هويتنا، بين ما نعرفه عن أنفسنا وما تخفيه من أسرار.
ببراعة السرد وعمق الرؤية، تقدم لنا خديجة العبدولي تحفة أدبية تثبت أن أثمن الوصايا هي تلك التي تدفعنا لاكتشاف ذواتنا الحقيقية، بكل ما فيها من نور وظلال.
